وقوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}: أي: ننجِي المؤمنين مِن العذابِ في كلِّ زمانٍ.
{حَقًّا عَلَيْنَا}: ظاهرُه: واجبًا علينا، وحقيقتُه: وَعْدًا منَّا مؤكَّدًا لا خُلْفَ فيه؛ لأنَّ العبادَ لا يجبُ لهم على اللَّهِ تعالى شيءٌ.
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّهُ: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا}؛ أي: أنجيْنا؛ لأنَّه لا رسولَ بعدَ رسولِنا محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).
فهذا مستقبلٌ بمعنى الماضي، وفي بعضِ الآيات ماضٍ بمعنى المستقبَل.
* * *
(١٠٤) - {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ}: وهم المذكورون في أوَّل السُّورة: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا}.
{إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي}: ما هو؟ (٢) أو في دينِ الإسلام الَّذي علمْتُم ما هو، لكن شككْتُم أحقٌّ هو أم لا؟ فها أنا أكشفُ لكم ماهيتَه وحقيقتَه.
أمَّا الأوَّل: فذلك قوله تعالى: {فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: الأصنامَ والجنَّ والملائكة {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ}؛ أي: يميتُكم، وهو الذي يحييكم، فهو القادر على كلِّ شيءٍ على الكمال، فله استحقاقُ العبادة دونَ غيرِه، وهو إشارةٌ إلى بيانِ حقيقة دينِه.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٩٠).
(٢) في (أ): "ما هو ديني ما هو".