وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ويحتمِل: إنْ كنتم في شَكٍّ مِن دينِ الإسلام أحقٌّ هو؟ شككْتُم في دينكم أيضًا، فإنْ لم تجيبوني إلى هذا الدِّين الذي لا شكَّ فيه، ودعوتُموني إلى دينِكم مع الشَّكِّ فيه، فهو سَفَهٌ.
ويحتمل: إنْ كنْتُم في شكٍّ مِن ديني الَّذي أدينُ به وأدعوكم إليه، فأنا لا أشكُّ فيه، فلا أعبدُ الذين تدعون مِن دون اللَّهِ، هذا مضمَرٌ.
ويحتمل: إنْ كنْتُم في شكٍّ مِن ديني وما أعبد، فلا تعبدون ذلك ولا تدينون به، فأنا لا أعبد ما تعبدون ولا أدين ما تَدينون، وهو كقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} الكافرون: ٦ (١).
وقوله تعالى: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: أمرني اللَّه تعالى به، فقال: كُنْ مِن المؤمنين، ولذلك عطف عليه ما هو بصيغة الأمر.
* * *
(١٠٥) - {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وهو قوله تعالى: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: أَخْلِصْ عملَك (٢).
وقيل: أي: قوِّم إقبالَك وتوجُّهَكَ على ما أُمِرْتَ به.
وقيل: أي: أقمْ نفسَكَ للَّه خالصةً سالمةً، لا نَصِيْب فيها لغير اللَّه. وهذا قول الإمام أبي منصور رحمه اللَّه (٣).
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٩٠ - ٩١).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٥٤).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٩١).