وقوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}: فالرزقُ: هو الإعطاءُ وإن اختلفت وجوهه (١):
فإن الرِّزق يكون تمليكًا: قال اللَّه تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}؛ أي: ملَّكناهم.
ويكون غذاءً: قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} هود: ٦؛ أي: غذؤاها.
ويكون طعامًا: قال اللَّه تعالى: {فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} الكهف: ١٩.
ويكون مالًا: قال اللَّه تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} الرعد: ٢٦؛ أي: المال.
ويكون مطرًا: قال اللَّه تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ} الجاثية: ٥.
ويكون هبةً: قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} النساء: ٨: هو هبةُ الشيء (٢) لغير الورثة تبرُّعًا وتصدُّقًا.
ويكون أجزاءَ وظيفةٍ كرَزْق القضاة والجنود.
وكلُّ ذلك راجعٌ إلى الإعطاء.
ثم الرِّزقُ يكون هو التغذيةَ عندنا، وهو عند المعتزلة: التمليك، فالحرام عندهم ليس برزق؛ لأنه ليس بمِلك، وهذا في غايةِ الفُحش منهم، وهو نهايةُ الضَّلال؛ فإنه ردُّ كتاب اللَّه تعالى، قال عزَّ وعلا: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} هود: ٦.
والحيواناتُ عندهم ليست تأكل من (٣) رزق اللَّه تعالى؛ لأنها لا تملك (٤)، وآكِلُ
(١) في (ر): "أنواعه".
(٢) في (ف) و (أ): "شيء".
(٣) "من": ليست في (أ) و (ف).
(٤) في (أ): "تأكل".