الحرام عندهم وكاسبُه في جميع عمره لم يأكل من رزق اللَّه شيئًا (١)، ولم يرزقه اللَّه عزَّ وجلَّ شيئًا.
ثم إنما ذكَر اللَّه تعالى هذا الفعل بصيغة الجمع من نفسه، وهو واحدٌ لا شريك له؛ لأنه خطابُ الملوك، واللَّه تعالى مالكُ المُلْك ومَلِك الملوك، فله استحقاقُه ومنه إطلاقُه.
والمعهود من كلام الملوك أربعةُ أوجهٍ:
الإخبارُ على لفظةِ الواحد (٢): إنِّي فعلتُ كذا، وعلى لفظة الجمع: فعَلْنا كذا، وعلى ما لم يسمَّ فاعلُه: رُسِمَ لكم كذا، وإضافةُ الفعل إلى اسمه على وجهِ المغايبة: أَمَركم سلطانُكم بكذا.
والقرآن نزل بلغة العرب، فجمع اللَّه تعالى فيه هذه (٣) الوجوهَ كلَّها فيما أَخبر به عن نَفْسه:
فقال تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} الآية المدثر: ١١، وهذا على صيغة الواحد.
وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} القدر: ١، {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} نوح: ١، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} الفتح: ١، {إِنَّا خَلَقْنَا} الإنسان: ٢، وهذا على صيغةِ الجمع.
وقال تعالى فيما لم يُسمَّ فاعله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} البقرة: ١٨٣، {كُتِبَ
(١) "شيئًا" ليست في (ف).
(٢) في (أ) و (ف): "الوحد".
(٣) "هذه": ليست في (أ).