الطور: ٣٤، وهو كُلُّ القرآن، فلمَّا ظهرَ عجزُهم عنه تحدَّاهم بعشر سورٍ، ثمَّ لَمَّا ظهرَ عجزُهم عنها تحدَّاهم بسورةٍ، فلمَّا ظهرَ عجزُهم لزمَتْهم الحُجَّة بالكليَّة.
وقوله تعالى: {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}: مِنَ الجنِّ والإنسِ ليُعِينوكم على الإتيان بعشر سورٍ مثلِه، في نظمِه ومعانيه، والأخبارِ الصَّادقة عن الأمور الماضية والآتية، والإطْلاع على ما في ضمائركم، فأتوا بما فيه هذه المعاني، والإطْلاع على ما في ضمير محمَّد (١).
{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: أنَّه افتراه مِن عندِه، ولسانُكم مثلُ لسانِه.
* * *
(١٤) - {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
وقوله تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}: له وجهان:
أحدهما: فإنْ لم يستجِبْ لكم أيُّها المشركون أحدٌ مِن العرب ولا مِن غيرهم ممَّنْ استعنْتُم به، عِلْمًا منه بالعجزِ، وأنتم عاجزون أيضًا، فاعلموا حينَئذٍ أنَّ القرآنَ أُنزِلَ مِن عندِ اللَّهِ، فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ أنزلَه بعلمِه؛ أي: وهو عالمٌ بإنزالِه على ما يكون حجَّة على خلقه.
ويحتمل: أنَّه أنزله بالأنباء (٢) الَّتي هو عالمٌ بها، يُعلمُها مَن شاءَ مِنْ خلقِهِ، فاستدِلُّوا بذلك على أنَّه لا إلهَ إلَّا هو.
(١) في (أ): "على ما في ضميرهم".
(٢) في (أ): "بالأشياء".