ويحتمل: وإذ عجزتم عن معارضته فاعلموا أنَّ محمَّدًا محقٌّ في دعوى الرِّسالة، فلا يجوز أن يكون كاذبًا فيما يخبرُكُم به: أنَّه لا إلهَ إلَّا هو وحدَه، دونَ أصنامِكم، فهل أنتم مسلمون؟ آنَ لكم أنْ تؤمنوا باللَّه وتصدِّقوه.
ووجه آخر: فإنْ لم يستجبْ هؤلاء المشركون لكم يا محمَّد ويا أصحاب محمَّد إلى ما دعوتموهم إليه مِن معارضة القرآن على نظمِه، فتيقَّنوا أنتم بلجاجهم وإصرارهم، ودُوموا على علمِكم بأنَّ القرآن مِن عندِ اللَّهِ، وأنْ لا إلهَ إلَّا هو، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}: منقادون للَّه، مخلصون له، دائمون على الإيمان والإحسان؟
* * *
(١٥) - {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}.
وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ}: أي: الدَّاعي لهؤلاء المشركين إلى الدَّوام على الشِّركِ الدُّنيا وزينُتها.
وقال الفرَّاء: تقديرُه: مَن يُردِ الحياةَ الدُّنيا، فلذلك قال في جزائه: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} بحذف الياء للجزم (١).
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّه: اختُلف فيها:
فقال بعضُهم: الآيةُ في الكفَّار، يعملون أعمالًا هي في الظَّاهر صالحةٌ؛ مِن التُّصدق على الفقراء، وعمارات الطُّرق، واتِّخاذِ القناطر والرِّباطات، يقول: نوفِّ إليهم جزاءَ أعمالهم في الدُّنيا، وهم فيها لا يُنقَصون، وهو ما وُسِّعَ عليهم في الدُّنيا.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٧٦).