(٢٠) - {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ}: هو جواب قوله: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.
{لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ}: أي: فائتين هربًا؛ أي: لا يتخلَّصون من عذابِه ولو ساروا حيث ساروا في الأرض.
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ}: يتولَّون نصرَهُم، وردَّ العذابِ عنهم في الدُّنيا والآخرة، بل {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ}؛ أي: يواصَلُ ولا يقطع (١)، ويزادون عذابًا على عذابٍ، قال تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} الإسراء: ٩٧، وقال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} النساء: ٥٦.
وقال الكلبيُّ: يضاعف على الرُّؤساء ضعفَ ما على غيرِهِم مِنَ الأتباع (٢).
{مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}: أي: كانوا يستثقلون أنْ يسمعوا القرآنَ، وأنْ ينظروا إلى عجائب خلقِ اللَّهِ تعالى بالاعتبار.
وفي متعارَف الكلام: ما أستطيعُ أنْ أسمعَ كلامَ فلانٍ، أو أنظرَ إلى فلانٍ، إذا كان مستثقَلًا.
ودلَّتِ الآيةُ أنَّ الاستطاعةَ الَّتي هي علَّة الفعلِ -وهي قدرةُ الفعل حقيقةً- تكون مع الفعل؛ فإنَّ اللَّه تعالى نفى ذلك عنهم حيث انتفى عنهم الفعل، فأمَّا الاستطاعة الَّتي هي سلامةُ الأسباب والآلات فقد كانت ثابتةً لهم، فإنَّهم كانوا ذوي أذانٍ وعيونٍ.
* * *
(١) في (ر): "مواصلا لا ينقطع".
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ١٤٤) بلا نسبة.