(٢١) - {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}: أي: أوردوا أنفسَهم الهلاكَ والعذابَ، حذرًا مِن غير أن اعتاضوا مِن أنفسِهم مِن أعراض الدُّنيا بدلًا، بل تعبوا في الدُّنيا بعبادة الأصنام، ووردوا الآخرة وقد فقدوها (١) ولم يحصلوا منها ومن عبادتها على نفعٍ، وكانوا مفترين في أنَّها آلهةٌ وشفعاءُ وشهداء.
وقال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: بطلَ افتراؤُهم فلم يجلبْ ثوابًا (٢).
* * *
(٢٢) - {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ}.
وقوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ}: (لا جرم) كلمةٌ تقولُها العرب بمعنى: لا بُدَّ، ولا محالةَ، وكثرَتْ في الكلام حتَّى صارَتْ بمعنى: حقًّا.
وقيل: (لا) نفيٌ، و (جرم)؛ أي: كَسَبَ، يعني: كَسَبَ كفرُهم خسرانَهم (٣).
وقيل: (جرم)؛ أي: قطع؛ أي: لا قطعَ لهم عن الخسران.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {لَا جَرَمَ} نعم (٤).
(١) في (أ): "فقدروها" بدل من "وقد فقدوها".
(٢) لم أجده عن ابن عباس، وقاله الواحدي في "البسيط" (١١/ ٣٨٤) ولفظه: (بطل افتراؤهم في الدنيا فلم ينفعهم في الآخرة شيئًا).
(٣) هذا قول الزجاج، لكنه يحتاج لتفصيل أكثر، فالمعنى عليه: أن {لَا} ردٌّ لقولهم؛ أي: ليس ذلك كما وصفوا {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ}؛ أي: جَرَمَ فعلُهم هذا أن لَهُم النارَ؛ أىِ: كسب فعلهم أن لهم النارَ. فتكون {أَنَّ} في موضع نَصْبٍ، {جَرَمَ} بمعنى كَسَب. انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٢٠٧ و ٢٢٠).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٢٦٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ٢٠١٩).