{وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ}؛ أي: مِن أجلِ قولِك؛ كما يُقال: كسوْتُكَ عن عُرْيٍ؛ أي: مِنْ أجلِ عُرْيِكَ.
وقيل: الباء و (عن) متناوبان (١)، قال تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} الفرقان: ٥٩؛ أي: عنه، وقال ها هنا: {عَنْ قَوْلِكَ}؛ أي: بقولِكَ.
{وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}: أي: بمصدِّقين.
* * *
(٥٤ - ٥٥) - {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ}.
وقوله تعالى: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ}: أي: ما نقولُ إلَّا أصابَكَ بعضُ آلهتنا بجنونٍ؛ أي: خَبَلٍ في عقلِكَ؛ قالَه ابنُ عبَّاس والحسنُ ومجاهد (٢).
وقيل: أي: ما نظنُّ وما نقولُ فيما بيننا إذا ذكرنا حديثَكَ إلَّا أنَّ بعضَ أصنامِنا الَّتي نعبدُها أصابَكَ بجنون، عقوبةً لك على الدُّعاء إلى تركِها ورفضِ عبادتِها.
فقال هودٌ: ليسَ هو كما تقولون، وأنا أُشهِدُ اللَّهَ تعالى وأُشهِدُكم أنِّي بريءٌ مِن شركِكم، غيرُ موافقٍ لكم على دينِكم، فاستعمِلوا الحيَلَ أنتم وآلهتُكم الَّتي تزعمون
(١) في (أ): "متساويان".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٤٤٧) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ومجاهد، وذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ٤٤٦) عن الحسن.