أنَّها اعترتني بسوءٍ في الإساءةِ بي وإيصالِ المكاره إليَّ، ثمَّ لا تؤخِّروا ذلك؛ لننظرَ هل يمكنكم أو يمكن آلهتكم أن يفعلوا بي شيئًا مِن السُّوء؟
وهذا دليلُ صحَّة نبوَّتِه؛ لأنَّه قال ذلك لثقته بوعدِ اللَّه بحفظِه ونصرتِه.
فإنْ قالوا: لِمَ قالوا: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}، وقد قالوا أقولًا غيرَ ذلك؟
قلْنا (١): معناه: في سببِ الخلاف، ويدلُّ عليه ظاهر الحال.
فإنْ قالوا: لِمَ قالَ: {وَاشْهَدُوا}، وليسوا بأهلٍ للشَّهادةِ؟
قلْنا: لتقومَ الحجَّة عليهم، لا بهم (٢).
* * *
(٥٦) - {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
وقوله تعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ}: أي: فوَّضْتُ أمري إلى اللَّهِ تعالى، مدبِّري ومدبِّركم، ومُقِيمي ومُقِيمكم، لا أعتمدُ إلَّا عليه، ولا أخافُ غيرَه؛ إذ كلُّ شيءٍ في قبضةِ قدرَتِهِ وسلطانِهِ.
وقوله تعالى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}: أي: ما مِن (٣) نفسٍ تَدِبُّ على الأرض إِلَّا هو قاهرٌ لها مصرِّفٌ لها على ما يريدُه بها.
(١) في (ف): "قلنا قالوا قولًا".
(٢) في (ف): "لا لهم" وليست في (ر).
(٣) "ما من" من (ف).