والأخذُ بالنَّاصية كنايةٌ عن الإذلالِ والقَهْر، وكانت العربُ إذا أسرَتْ رجلًا فأرادَتْ إطلاقَه جزَّت ناصيتَه؛ ومثلُه قولُه تعالى: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} الرحمن: ٤١.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: قيل: أي: إنَّ ربِّي يدلُّ على صراطٍ مستقيمٍ. وقيل: يحثُّ عليه. وقيل: يحملُكم عليه.
وقيل: هو بغير إضمارٍ، ومعناه: إنَّ ربِّي على الحقِّ لا يَعدلُ عنه.
* * *
(٥٧) - {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}.
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}: أصلُه: فإن تتولَّوا، سقطَتْ إحدى التَّاءين تخفيفًا؛ أي: فإنْ تُعرِضوا بعدَ هذا عن الإيمان باللَّه لم يلزمْني مِنْ تَبِعَةِ إعراضِكُم شيء (١).
وقولُه تعالى: {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ}: مِن الدُّعاء إلى الإيمان {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ}؛ أي: ويهلكُكم اللَّهُ بعدَ هذا، ويجعلُ غيرَكم خَلَفًا عنكم.
{وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا}: ولا يدخلُ مُلْكَه بإهلاكِكم نقصٌ، ولا تقدرون على أن تضرُّوه أو تضرُّوا أولياءَه بكيدِكُم.
{إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}: أي: لا يخفَى عليه شيءٌ، ولا يذهبُ عنه شيءٌ، ولا يفوتُه.
(١) في (أ): "بشيء".