وقيل: أي: بكلِّ شيءٍ حفيظ، فيحفظُ أنبياءَه وأولياءَه.
وقيل: أي: يحفظُ الأعمالَ فيُجازي عليها.
* * *
(٥٨) - {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}.
وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا}: أي: أمرُنا بإهلاكِ عادٍ {نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}؛ أي: شديد، وأصله: الكثيف الثَّقيل، وهو ها هنا استعارةٌ عن الشِّدَّةِ والهولِ، وهو ما نزلَ بهم مِن عذابِ الدُّنيا.
وقيل: هو عذابُ الآخرة أيضًا في حقِّ المؤمنين.
وقوله: {بِرَحْمَةٍ مِنَّا} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: هذا يدلُّ على أنَّ مَن نجا نجا برحمةِ اللَّهِ تعالى لا بعملِه، ولذلك قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يدخلُ أحدٌ الجنَّةَ إلَّا برحمةِ اللَّهِ"، قيل: ولا أنتَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: "ولا أنا، إلَّا أنْ يتغمَّدني اللَّهُ برحمَتِهِ" (١).
ثم يحتمِل قوُله: {بِرَحْمَةٍ مِنَّا}؛ أي: ببعثِ هودٍ إليهم حتَّى اتَّبعوه فنجَوا لذلك.
ويحتمل: {بِرَحْمَةٍ مِنَّا}؛ أي: بتوفيقنا إيَّاهم للإيمان حتَّى نجَوا به (٢).
* * *
(٥٩) - {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.
(١) رواه البخاري (٦٤٦٣)، ومسلم (٢٨١٦)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٤٦).