وقيل: ضحكَتْ سرورًا بالبشارة بالولد، وقد بلغت ثمانيًا وتسعين سنة، وإبراهيم ابن مئة وعشرين سنة.
وقوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ}: أي: على ألسنةِ الرُّسلِ -وهم الملائكة- بولدٍ اسمُه إسحاق {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}: قرأ حمزةُ وابنُ عامر وعاصم في رواية حفصٍ: {يَعْقُوبَ} بالنَّصب، والباقون بالرَّفع (١)، وهو على الابتداء.
ووجه النَّصب: أنَّ المعطوف على المخفوض بخافضٍ وبينهما حائلٌ يُحتاج فيه إلى إعادة الخافض، فيقال: مررْتُ بزيدٍ ومِن بعده بعبدِ اللَّهِ، فإذا لم يأتوا بالباء في (عبد اللَّه) نصبوه، كأنَّهم أرادوا: ورأيْتُ مِن بعدِه عبدَ اللَّه.
ووجه آخر: أنَّ قوله: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} بمنزلةِ قوله: فوَهَبْنا لها إسحاقَ، فعطفَ عليه {يَعْقُوبَ} بالنَّصب.
وقيل: الوراء: النَّافلة، فإنْ صحَّ هذا، وإلَّا فظاهر ما يُفهَم مِن وراء وهو الخَلْف، يدلُّ على البشارة بالنَّافلة أيضًا، فإنَّه يكون بعدَه.
ودلَّت الآيةُ أنَّ الذَّبيح هو إسماعيل، فإنَّ اللَّه تعالى بشَّر إبراهيم عليه السَّلام بأن يكون لإسحاق ولدٌ، وكان يعلمُ أنَّه لا يموت حتَّى يُولَد له ذلك، فلا يكون على هذا في الأمرِ بذبح هذا الولد امتحانٌ؛ إذ يعلم أنَّه لا يتحقَّق فيه الذَّبح للحال، فتعيَّن للابتلاء الولد الآخر؛ وهو إسماعيل.
* * *
(٧٢) - {قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ}.
وقوله تعالى: {قَالَتْ يَاوَيْلَتَى}: لمَّا بُشِّرَتْ بإسحاق تعجَّبَتْ، فقالَتْ: يا ويلَتَا،
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٥).