وقوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} قرأ ابن كثير ونافع: {فَاسْرِ} بالوصل مِن سَرَى، والباقون بالقطع مِن أسْرَى (١)، وهما لغتان في اللازم، والتَّعديةُ ها هنا بالباء.
فخرج وأهله وأولاده والمؤمنون معه {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}: قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: بطائفةٍ مِن اللَّيل (٢).
وقال الضَّحَّاك: ببقيَّة من الَّليل. وقال قتادة: بصدْرِه. وقال الأخفش: بعد جنح (٣).
وقوله تعالى: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {امْرَأَتُكَ} رفعًا بدلًا عن قوله: {أَحَدٌ}، والباقون بالنَّصب على الاستثناء (٤).
والنَّهي عن الالتفات أمرٌ بالإسراع ليتباعدوا عن القوم فلا ينالهم أثرُ عذابهم.
وقيل: أي: لا تشتغل قلوبُكم بما خلَّفتم من المال والمتاع، وامضوا مُخِفِّين مسرعين.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ}: مِن العذاب؛ لأنَّها كافرةٌ مثلهم.
فقال لوط لجبريل: متى وقتُ هلاكهم؟ قال: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} فقال لوط: أريدُ أسرَعَ مِن ذلك، فقال جبريل عليه السَّلام: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}: استفهامٌ بمعنى الإثبات.
* * *
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٦).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٥٢٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ٢٠٦٥).
(٣) ذكره الأقوال الثلاثة الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٨٣).
(٤) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٥).