ألقُوه في أرضِ غُرْبَةٍ بعيدةٍ عن أرضِ يعقوبَ، بحيث يخفَى عليه موضعُ يوسفَ، وتُقصى (١) دونَه أخباره.
وقوله: {أَرْضًا}؛ أي: إلى الأرض، نصب بنزع الخافض؛ كما في قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} الأعراف: ١٥٥؛ أي: مِن قومِه.
وقوله تعالى: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ}: قال مقاتلٌ: أي: يَصْفُ لكم (٢).
جُزِمَ لأنَّه جزاءُ الأمر، ولذلك حُذفَتْ واوُه، يقول: لا يزاحمكم يوسفُ في برِّه وعطفِه واستئثارِه.
وقوله تعالى: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}: عطف على {يَخْلُ} وهو جزم، ولذلك حُذفَتِ النُّون.
وقال مقاتل: أي: يصلح أمرُكم فيما بينكم وبين أبيكم (٣)، يعني به: صلاحَ أمر الدُّنيا مِن جهة التَّمكُّن من الأب.
وقال ابنُ عبَّاسٍ والسُّديُّ: أي: وتتوبوا مِن صنيعِكم (٤)؛ وهو القتلُ أو الطَّرحُ، وعقوقُ الأبِ، وإيذاءُ الأخ، وعصيانُ أمرِ اللَّه تعالى، فيغفر لكم بتوبتِكم، فقد اعتقدوا التَّوبة قبلَ ارتكاب الذَّنب.
(١) في (ف): "وتقضى".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٩).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٣٢٠).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ١٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٠٥)، عن السدي. وذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٠)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٨٤) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.