وقال الإمام أبو منصور (١) رحمة اللَّه عليه: قديما (٢) قيل: مَن طلب الكلَّ فاته الكلُّ، أرادَ إخوةُ يوسفَ أنْ يكونَ إقبالُ يعقوبَ بالكلِّيَّة عليهم، واللَّهُ تعالى يقولُ: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ} يوسف: ٨٤.
وقيل: كان قصدُهم ألَّا يكونَ يومَئذٍ عندَ أبيه، فساوَى عندهم أقسام غيبتِه (٣)، فقالوا: إمَّا القتل وإمَّا النَّفي، ولا بأسَ بما يكون بعدَ ألَّا يكون يوسف.
وقوله تعالى: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} لم تطبْ نفوسُهم بأن يذهبوا عن اللَّهِ بالكُلِّيَّةِ، فدبَّروا لحسنِ الرُّجعى قبلَ ارتكابِ ما دعتْهُم نفوسُهم إليه، وهذه صفةُ أهلِ العِرفانِ باللَّهِ جلَّ جلالُه (٤).
* * *
(١٠) - {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}.
وقوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ}: قال قتادةُ وابنُ إسحاقَ: قال ذلك روبيل (٥). وقال الزَّجَّاجُ: قال ذلك يهوذا (٦)، قال: إنَّ قتلَ يوسفَ أمرٌ عظيمٌ فلا تفعلوه.
وقوله تعالى: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ}: قال الحسنُ: أي: في قعرِ البئرِ (٧).
(١) كذا قال، وهو سهو منه رحمه اللَّه، فإن الآتي هو كلام القشيري لا الماتريدي.
(٢) في (ر): "ربما"، والمثبت من (ف) و"اللطائف".
(٣) في (ر): "فساوى أقسام غيبته"، ولم ترد هذه الجملة في "اللطائف".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٧٠ - ١٧١).
(٥) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٠).
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٩٣).
(٧) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٢)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٨٥).