وربطَه على عضدِ يوسفَ، فحلَّه (١) جبريلُ وأخرجَه وكساهُ، وطيَّب قلبَه بالبشاراتِ، وقال له بأمر اللَّه: {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
قال قائلُهم:
الدَّهرُ لا يبقى على حالَةٍ... كذاك حالُ العبدِ في العُسْرِ
أمَا ترى يوسفَ في جُبِّهِ... في ضِيْقِ أَمْرٍ ثمَّ في اليُسْرِ
* * *
(١٦) - {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}.
وقوله تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}: العشاء: في آخر النَّهارِ إلى نصف (٢) اللَّيلِ.
و {يَبْكُونَ} في معنى الحال؛ أي: يُظهِرون الحزنَ على يوسفَ، ويحتمِل أنَّهم ندموا على ما فعلُوا.
* * *
(١٧) - {قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}.
وقوله تعالى: {قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ}: قال الزَّجَّاج: أي: نترامَى أيُّنا أصوبُ سهمًا (٣). وقيل: أي: نتعادى بالأقدام أيُّنا أسرع عدوًا.
{وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا}: أي: رَحْلِنا {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}؛
(١) في (ر): "فخلعه".
(٢) "نصف" من (أ).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٩٥).