أي: بمصدِّقٍ لنا فيما نقولُه {وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}؛ أي: عند النَّاس لا نُتَّهمُ بتضييع أخينا، وذلك لسوء ظنِّك بنا، واتِّهامِك لنا فيه.
* * *
(١٨) - {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.
وقوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}: أي: مكذوبٍ فيه؛ مصدرٌ أُرِيْدَ به المفعول به؛ كـ (الثِّقة) يُراد به الموثوقُ به؛ أي: أخرجوا له قميصَ يوسفَ ملطوخًا بدمٍ كذبوا فيه.
قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما ومجاهدٌ: كان دمَ سَخْلَةٍ، أوهموه أنَّه دمُ ابنه (١).
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}: أي: لم يصدِّقْهم فيما جاؤوا به من الدَّم، وما أخبروه به مِن أكل الذِّئبِ، وقال لهم: ليس الأمرُ على ما تذكرون، بل زيَّنَتْ لكم أنفسُكُم أمرًا ففعلتُموه.
و {أَمْرًا} كناية عن تضييعهم يوسفَ أو إهلاكِهم إيَّاه، ولمَّا يكن ذلك بيِّنًا عند يعقوبَ كنَّى فقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}: أردْتُم أن يخلوَ وجهي لكم، فغيَّبْتم يوسف عنِّي.
وقوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}: أي: فلي صبرٌ جميلٌ، أو: فمني (٢)؛ كقوله تعالى:
(١) رواه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما عبد الرزاق في "تفسيره" (١٢٧٨)، والطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١١١). رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٥) عن مجاهد. السَّخْلَةُ: تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد، والجمع سخال وسَخْل. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (مادة: سخل).
(٢) في (ف): "أو هي مني".