{وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}: وهكذا نجزي مَنْ أحسنَ عملَه فلم يخلطْهُ بشركٍ ولا معصيةٍ.
قيل: المرادُ به رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أعلمَه اللَّهُ تعالى أنَّه صائرٌ إلى العلوِّ على قومِه، ونفاذِ الحكم والسُّلطان عليهم، كما فعلَه بيوسفَ عليه السَّلام.
وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: المؤمنين (١).
وقال الضَّحَّاك: أي الصَّابرين على النَّوائب (٢).
وقيل: قالَ في قصَّة موسى صلوات اللَّه عليه: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} القصص: ١٤ ولم يقل هاهنا: (استوى)؛ لأنَّ موسى أُوحِيَ إليه عند منتهى الأشُدِّ والاستواء؛ وهو أربعون سنة، وأوحى اللَّهُ تعالى (٣) إلى يوسفَ عند أوَّلِه؛ وهو ثماني عشرةَ سنةً.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} يحتمل إحسانَ الأعمال، ويحتمل الإحسانَ إلى النَّاس، ويحتمل الإحسانَ إلى نفسه، ويحتمل إحسانَ صحبةِ نِعم اللَّه والقيام بشكرِه (٤).
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمَه اللَّهُ: مِن جملة الحُكْمِ الَّذي آتاهُ اللَّهُ تعالى نفوذُ حُكمِه على نفسِه حتَّى غلبَ شهوتَه، فامتنعَ عمَّا راودَتْه زليخا عن نفسِه، ومَن لا حُكْمَ له على نفسِه لم ينفذْ حكمُه على غيرِه.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٦٩) بلفظ: "المهتدين"، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٠٧) باللفظين.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٠٧).
(٣) "اللَّه تعالى" من (ف).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٢٣).