قال: وقيل: لمَّا استوى شبابه -وكان وقتَ استيلاء دواعي مطالبات البشريَّة- آتاه اللَّه الحُكْمَ الَّذي أثبتَه (١) على الحقِّ وصرفَه عن الباطل (٢).
* * *
(٣٢) - {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} قال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: دلَّت الآية أنَّ البيتَ قد يُضافُ إلى المرأة وإن كان في الحقيقةِ لزوجِها (٣).
وهو دليلُ أصحابِنا -رحمَهم اللَّه- فيمَنْ حلفَ: لا يدخلُ دارَ فلانٍ، فدخلَ دارًا هو ساكنُها؛ يحنثُ لإضافتِها إليه.
والمراودة: فعلٌ بينَ اثنينِ، يراودُ أحدُهما الآخرَ على شيءٍ، فيجري في ذلك مدافعةٌ وممانعةٌ، مأخوذةٌ من الإرادة وهي المشيئة، ومنَ الرَّوْدِ وهو الطَّلب.
يقول: طالبَتْ زليخا يوسفَ بمساعدتِها على ارتكابِ الفحشاء منها.
ويجوزُ أن يكون مشتقًّا من الرُّوَيْد؛ وهو التَّمهُّل والتَّرفُّق، والمراودةُ: هي المطالبةُ على التَّرفُّق والتَّمهُّل.
ومعنى: {عَنْ نَفْسِهِ}؛ أي: مِن أجلِ نفسِه، يُقالُ: فلانٌ يخاصمُ عن فلانٍ،
(١) في (ف): "آتيناه". وفي "اللطائف": (حبسه).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٧٧).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٢٣).