والثَّالث: أنَّه معلَّقٌ بالشَّرط: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، وهو كقوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} الإسراء: ٧٤، وعلى ذلك يخرج قوله تعالى: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} الأنبياء: ٦٣؛ أي: لو كان ينطقُ لفعلَ هو (١).
واختلفَ في قوله تعالى: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} ماذا كان؟
عن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما أنَّه ناداه جبريلُ: يا يوسفُ بنَ يعقوب، اسمُكَ في الأنبياء مكتوب، فلا يكنْ عملُكَ عملَ الفجَّار (٢).
وقيل: كانَ فيما ناداه: إنَّ الطَّير في جوِّ السَّماء لا يُقدَر عليه، فإذا مات لعبَ به الصِّبيان في الأرض، وإنَّ الثَّور الصَّغير لا يُقدَر عليه، فإذا مات دخل النَّمل في (٣) قرنيه، فذلك مثلك إنْ واقعْتَ الخطيئةَ.
وقيل: تمثَّل له جبريلُ في صورة أبيه يعقوب عاضًّا شفته أو إصبعه، فهابَ وبادرَ البابَ (٤).
وقال مقاتل ومحمَّد بن كعب القرظيُّ: رأى في سقف البيت مكتوبًا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} الإسراء: ٣٢ (٥).
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٦٦ - ٢٢٧).
(٢) روى نحوه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٢٩٥)، والطبري في "تفسيره" (١٣/ ٨٩، ٩٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٢٤) عن قتادة.
(٣) "في" ليس في (ف).
(٤) روى الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٨٧ - ٩١) نحوه عدة روايات عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٩٨) عن محمد بن كعب القرظي.