وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ}: لأنَّه يدلُّ على أنَّه كان هاربًا منها.
وهذا دليلٌ على أنَّ بناءَ الحكم على ظاهر الحالِ جائزٌ عندَ عدم الوصول إلى دليل الحقيقة، وعليه كثيرٌ من مسائل أصحابنا -رحمهم اللَّه- في التَّحري وقَبول قول النَّاس وقول مَن يشهدُ له الظَّاهر إذا اختلفا في متاع البيت ونحو ذلك.
* * *
(٢٨) - {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ}: أي: احتيالكنَّ معاشرَ النِّساء على الرِّجال إذا عملوا بخلاف مرادكنَّ.
قيل: هو قول الزَّوج لها.
وقيل: هو قول الشَّاهد، على قول من زعم أنَّه رجلٌ بالغٌ.
وقوله تعالى: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}: أي: عظيم الضَّرر. وقيل: أي: نافذٌ غالبًا؛ للتَّمويه.
وسمَّى كيد الشَّيطان ضعيفًا وكيدَ النِّساء عظيمًا؛ لأنَّ ذلك سرٌّ وهذا جهرٌ، وذاك وحدَه وهذا مع كيد الشَّيطان، وذاك يفرُّ بالاستعاذة وهذه لا تَفِرُّ، وذاك مع اللَّهِ وهذا معَك.
* * *
(٢٩) - {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}.
وقوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}: أي: قالَ زوجُ زليخا.
وقيل: قال ذلك الرَّجلُ الشَّاهد: يا يوسفُ، أعرضْ عن هذا الحديثِ فلا تذكرْهُ