لأحدٍ، وهو سترٌ لحالها، وهو المستحبُّ المندوبُ إليه ألَّا يفشى سرُّ أهل بيتٍ، خصوصًا حرمه ومماليكه.
وقيل: لا تبالِ له، وطِب نفسًا، فقد ظهرَ لي براءتك.
وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ}: أي: قال لزليخا: استغفري اللَّهَ، وهي وإنْ كانَتْ مشركةً فهم يقرُّون بأنَّ اللَّهَ خالقهم، وأنَّهم يعبدون الأصنام لتقرِّبهم إلى اللَّه زُلفى، فيعتقدون استغفارَ اللَّهِ من الذُّنوب.
وقيل: بل قال لها الشَّاهدُ: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ}؛ أي: اعتذري من زوجِك وسَلِيه (١) أن يسترَ عليك.
وقوله تعالى: {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}: أي: الخائنين في حقِّ الزَّوج.
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: ليس كلُّ أحدٍ أهلًا للبلاء، إنَّ البلاءَ لأربابِ الولاء، فأمَّا الأجانبُ فيُتجاوَزُ عنهم ويُخلَّى سبيلُهم، لا لكرامةِ محلِّهم، ولكن لحقارة قَدْرِهم، هذا يوسفُ عليه السَّلام كان بريءَ السَّاحة، وظهرَ للكلِّ طهارةُ جانبِه، فابتُلِيَ مع هذا بالسِّجن، وأمَّا امرأةُ العزيز فقد ظهر للعزيز سوءُ فعلِها، حيثُ قال: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ}، واقتصرَ في حقِّها أنْ تستغفرَ من ذنبِها، ولم ينزل بها شيءٌ من البلاء، ويفعلُ اللَّهُ ما يشاء (٢).
* * *
(٣٠) - {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
(١) في (أ): "وسيلة".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٨١).