وقوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ}: أي: انتشرَ خبرُ امرأةِ العزيزِ وميلُها إلى يوسفَ، وقال جماعةٌ من النِّساء في مصرَ: {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ}؛ أي: زوجة خازن الملك، وكان يُسمَّى عزيزًا لتلقيبِ الملك إيَّاه به، أو على معنى أنَّه عزيزٌ عند ملكِه مكرَّمٌ لديه، أو على معنى مَنَعَته بكثرة خدمه وأعوانه.
{تُرَاوِدُ فَتَاهَا}؛ أي: عبدَ زوجِها، والعبدُ يسمَّى فتًى، والأَمَةُ تُسمَّى (١) فتاةٌ، قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقولنَّ أحدُكم: عبدي وأَمَتي، ولكنْ ليقلْ: فتايَ وفتاتي" (٢).
وأضفْنَ مَن اعتقدْنَه عبدَ زوجها إليها (٣) لطاعتِه لها، وتصرُّفِه فيما يَصلحُ لها مِن أسبابِ المنزِلِ، وعلى هذا عُرْفُ النَّاسِ في إضافةِ مماليك أحدِ الزَّوجَيْن إلى الآخر.
وقد يضافُ إلى جميع أهل البيت فيُقال: عبدهم، قال عمرُ في عبدٍ سرقَ مرآة زوجةِ مولاه ولم يقطعْه: عبدُكُم سرقَ متاعَكُم (٤).
وقوله تعالى: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}: أي: أصابَ شَغافَها؛ كما يُقال: كَبَدَه ورَأَسَه وبَطَنه وظَهَرَه؛ أي: أصابَ هذه الأعضاء.
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه وأبو عبيدةَ: شَغافُ القلبِ: غلافُه (٥)، وهو جلدةٌ عليه؛ أي: دخلَها الحبُّ وأصابَ القلبَ.
(١) "تسمى" من (ف).
(٢) رواه البخاري (٢٥٥٢)، ومسلم (٢٢٤٩)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) في (ر): "وأضيف إليها" بدل "وأضفن من اعتقدنه عبد زوجها إليها".
(٤) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٣٩)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٨٥٦٨).
(٥) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٣٠٨).