ففَنِين (١) مِنْ أوصافهنَّ فلَمْ يَكُنْ... مِنْ نَعْتِهِنَّ تَلذُّذٌ وتوجُّعٌ (٢)
* * *
(٣٢) - {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}.
وقولُه تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}: لمَّا رأَت امرأةُ العزيز أنَّهنَّ افتُتِنَّ بيوسفَ وجدَتْ موضعًا للعذر فقالَتْ: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}.
ويحتملُ: فهذا ذلكنَّ الَّذي لمتنني فيه، وقلْتُنَّ ما قلْتُنَّ، ثمَّ اعترفَتْ بأنَّها راودَتْه عن نفسِه، فقالَتْ:
{وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}: أي: امتنعَ وتحفَّظَ عن إجابتي، فهذا يبطلُ قولَ مَنْ قال: قصدَ إجابتَها وحلَّ إزارَه (٣).
ثمَّ اعتراها مِن افتتانِ النِّسوة به زيادةُ شغَفٍ به، فهتَكَتْ جلبابَ الحياءِ، وعادَتْ بحضرتهن إلى مراودته، أو إلى ما يشبهُ المراودَة، فقالَتْ:
{وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ}: أي: ليحبسَنَّ في السِّجنِ، وهو قولُه تعالى:
{وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}: أي: الأذلَّاء، جمعَ بينَ النُّون المشدَّدة وبين النُّون المخفَّفة؛ لأنَّهما (٤) في معنًى واحدٍ، وكُتبَتِ الثَّانية ألفًا لخفائها وسكونها، والوقفُ عليه بالألفِ، قال الأعشى:
(١) في (أ): "فتبين"، وفي (ر) و (ف): "ففتن"، والمثبت من المصدر.
(٢) ذكره الكلاباذي عن بعض أهل عصره في "التعرف لمذهب أهل التصوف" (ص: ١٢٧).
(٣) في (ف): "أزراره".
(٤) في (ف): "إلا أنها".