وإنْ لم يكنْ مستعينًا في الحقيقة؛ إذ الأنبياءُ كانوا مطالَبِينَ بأفضلِ الأعمالِ وأشرفِها، وأطيبِ الكلمات وأحلاها. واللَّه الموفِّق.
* * *
(٤٣) - {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ}: أي: قال ملكُ مصرَ وهو الريَّان: {إِنِّي أَرَى} في المنام {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} السِّمَنُ: زيادةُ البدنِ من الشَّحم واللَّحم.
{يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ}؛ أي: سبعُ بقراتٍ مهازيلُ، جمع أعجفَ وعجفاءَ على غير قياسٍ، والعجَف: تبيُّن الهزال، وصرفُه من حدِّ: علم.
وقوله تعالى: {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ}؛ أي: وأرى سبع سنبلاتٍ {خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ}؛ أي: سبع سُنبلات أُخَر يابسات.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ}: أي: الأشراف الَّذين يُرْجَع إليهم في الأمور {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ}: أخبروني بحكمِ رُؤيايَ هذِه {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}؛ أي: إنْ كنْتُم أو كان فيكم مَن يحسِنُ تعبيرَ الرُّؤيا.
وإدخالُ اللَّام في الرُّؤيا مع أنَّ فعلَ العبارة متعدٍّ؛ لِمَا أنَّ الفعلَ إذا تقدَّم عليه المفعول ضعفَ عملُه، فجازَ إدخالُ حرف الإضافة لذلك، فلا يجوزُ: (تعبرون للرُّؤيا)؛ لأنَّه في قوَّة عملِه.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: كانَ ابتداءُ بلاءِ يوسفَ في رؤيا (١) رآها
(١) في (ف): "في الرؤيا التي".