(٤٦) - {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}.
{يُوسُفُ}: أي: يا يوسف {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} وهو الكثير الصِّدق والدَّائم عليه، سمَّاه به لأنَّه لم يجرِّب عليه كذبًا.
وقوله تعالى: {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ}: أي: أجبْنَا فأخبرْنَا بحكم رُؤيا رآها الملكُ؛ وهي أنَّه رأى سبعَ بقراتٍ سمانٍ يأكلهنَّ سبعٌ عجافٌ، ورأى سبعَ سنبلاتٍ خضرٍ وسبعَ سنبلاتٍ أُخر يابسات.
وقوله تعالى: {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}: يعني: أفتنا فيهنَّ لأرجع إلى النَّاس بفتواك فيهنَّ، فيعلموا تأويل رؤيا الملِك، فإنَّهم غير عالمين به.
وقال وهبٌ: فلمَّا لم يدرِ الملأُ تأويلَها وعجزوا عنها وأعيَتْهم؛ قالوا: يا أيُّها الملك، إنَّ الأحلامَ ليست تصدُق كلُّها، وكذبُها أكثرُ مِن صدقِها، ونحن نرجو أن يكون حلمُكَ هذا أضغاثًا، ومَن ذا الَّذي تخافُ أن يدخلَ عليك في ملكِكَ، وسلطانُكَ أعزُّ من ذلك، وحولُك أكثرُ، ورجالُك أقوى وأحفظُ (١) له عليك.
وذكرَ غلامُ الملكِ الَّذي كان مسجونًا مع يوسف عليه السلام عندما كان من قولهم بذلك في أمرِ يوسف، فقال له: ائذنْ لي أيُّها الملك أدخلْ سجنَك وآتِكَ منه بتأويل رؤياكَ؛ فإنَّ فيه رجلًا (٢) حكيمًا من آل يعقوب، فإنْ يكُ عند أحدٍ من أهل الأرض علمُ رؤياك فهو عندَه، فإنَّ النَّاس اليوم (٣) يقولون: إنَّهم لم يرَوا مثلَه علمًا
(١) في (ر) و (ف): "أحوط".
(٢) في (ف): "عليمًا".
(٣) "اليوم" من (أ).