لأنَّ النَّوم يكون فيه.
ووجهٌ آخر: أنَّ معناه: يُفْنِينَ؛ كقولك: أكلَهم الدَّهرُ؛ أي: أفناهم.
ووجهٌ آخر: أنَّه لمَّا كان في الرُّؤيا سبع بقراتٍ عجافٍ أكلْنَ سبعَ بقراتٍ سمانٍ، وكانت البقرات مَثلًا للسِّنين؛ أخرج الجواب في العبارة مطابقًا للَفظِ السُّؤال مراعاةً للبلاغة.
* * *
(٤٩) - {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ}: أي: يُعطَوْنَ الغيثَ، وقيل: يُعطَوْنَ الغوْثَ، وقد غِيْثَ النَّاسُ وغاثَهم اللَّهُ عزَّ وجلَّ؛ أي: أعطاهم الغيثَ، وهو المطر، وأُغِيْثَ النَّاسُ وأغاثَهم اللَّهُ؛ أي: نجَّاهُم وخلَّصهم.
{وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}: قيل (١): أي: يَعْصِرون الأعنابَ والثِّمارَ والسِّمْسِمَ والزَّيتون، وهو بيانُ كثرةِ النِّعم، وانتفاع النَّاس بها، ومنه: العصير والعُصارة والمُعْصِر.
وقيل: أي: يَنْجُونَ، والعُصرةُ: الملجأ، والاعتصار: الالتجاء (٢)، وقال الشَّاعرُ:
صاديًا يستغِيْثُ غيرَ مُغاثٍ... ولقدْ كانَ عُصْرَةَ المَنْجُوْدِ (٣)
= وكان عمر بن عبد العزيز يتمثل به كما روى ابن أبي الدنيا في "الزهد" (٤٥٧)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٣١٩)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧/ ٤٠٩).
وانظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٤/ ١١٢)، و"عيون الأخبار" لابن قتيبة (٢/ ٣٣٣).
(١) "قيل" من (ف).
(٢) في (ف): "المنجا أيضًا".
(٣) لأبي زبيد الطائي. انظر: "ديوانه" (ص: ٤٤)، و"جمهرة أشعار العرب" للقرشي (ص: ٥٨٣)، و"تفسير الطبري" (١٣/ ١٩٧)، و"تفسير الثعلبي" (٥/ ٢٢٨).