(٤٧) - {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ}.
وقوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا}: عَبَرَ الرُّؤيا للسَّاقي، فقال: تحرثون سبعَ سنينَ زراعةً متواليةً في هذه السِّنين بجدٍّ واجتهادٍ على عادتِكم في الزَّراعة.
والدَّأْبُ: العادةُ، والدَّأَبُ: الجِدُّ والتَّعبُ.
وقوله تعالى: {فَمَا حَصَدْتُمْ}: أي: قطعْتُم مِنَ الزَّرع {فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ}؛ أي: فاتركوه كذلك، ولا تَدْرُسوه ولا تُذَرُّوه لأنَّه أبقى له وأبعد من فساده.
{إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ}: في العام، فلا بدَّ من دياسَتِهِ وتذريَتِهِ وتنقيَتِهِ.
* * *
(٤٨) - {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ}.
{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}: أي: بعد مضيِّ سبع سنين في الخصْبِ، وهو قوله تعالى:
{سَبْعٌ شِدَادٌ}: أي: سبعُ سنين مجدبةٌ، فيها الضِّيق والشِّدَّة.
{شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ}؛ أي: يأكلْنَ هذه السِّنون السَّبعُ المجدِبَةُ ما كان حصل في أيديْكُم مِن فضلِ ما زرعْتُموه في السَّبع المواضي.
{إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ}: أي: تحرزونَ في الحصنِ؛ أي: الحرز.
وأضافَ الأكل إلى السِّنين؛ لأنَّ أكلَ النَّاس يكون فيها؛ وهو كما قال الشَّاعرُ:
نهارُكَ يا مغرورُ سهوٌ وغَفلةٌ... وليلُكَ نومٌ والرَّدَى لَكَ لَازِمُ (١)
(١) ينسب لعبد الأعلى القرشي. كما في "الحماسة البصرية" (٢/ ٤٢٧)، ولأبي إسحاق الكادوشي، كما في "الدر الفريد" للمستعصمي (٩/ ٤٨٤)، ولمسعر بن كدام كما في "أمالي ابن سمعون" (١/ ١٥٤)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (٧/ ٢٢٠)، و"حياة الحيوان الكبرى" للدميري (١/ ٢٣١). =