(٥٢) - {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}: قيل: هو متَّصلٌ بقول يوسفَ عليه السلام: {إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ}؛ أي: ليعلمَ العزيزُ {أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} بغيبتِه، فإذا ظهرَتْ براءتي عندَ العزيزِ ظهرَتْ عندَ غيرِه وعندَ الملكِ.
وقيل: أي: ليعلمَ الملكُ أنِّي لم أخنِ الملكَ؛ لأنَّ خيانتي لخازِنِه وخادِمِه خيانةٌ له.
وقوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}: أي: لا يُفضي بكيدِهم إلى هدًى وإصابةٍ، مثلَما لم يهدِ كيدَ امرأةِ العزيز والنِّسوة.
وقال الحسينُ بنُ الفضلِ البَجَليُّ رحمه اللَّه: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} من قول زليخا، وهو متَّصلٌ بكلامها؛ أي: ليعلمَ يوسفُ (١) أنِّي لم أخنْهُ بالغيب، لم أكذبْ عليه بغيبَتِهِ، ولم أنسبْهُ إلى ما لا يحلُّ، بل أقررْتُ بالذَّنب على نفسي.
* * *
(٥٣) - {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي}: أي: لا أزكِّي نفسي مع براءتي مِن هذه الجناية (٢).
وقوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ}: هي للجنس؛ أي: النُّفوسَ البشريَّةَ {لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}؛ أي: كثيرةُ الدَّعوةِ إلى المعاصي بشهوتها ونهمَتِها {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي}: لكنْ
(١) "يوسف" ليس في (ف).
(٢) في (أ): "الخيانة".