قال الملكُ: فقد وضعْتُه عن رأسي إجلالًا لك وإقرارًا بفضلِك.
قال: فاتَّخذ الملكُ الخزائنَ والأَهْراء، وأمر بجمع الطَّعام انتظارًا لسِنِي الخصْبِ، فلمَّا أتَتْ جاءَتْ بشيءٍ لا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ كثرةً وسَعةً، وذلك قوله تعالى:
* * *
(٥٦) - {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ}: أي: كالَّذي التمسَ يوسفُ من الملكِ مكَّنَّا له في الأرض؛ أي: أرض مصر، والتَّمكينُ: الإقرارُ وإعطاءُ المَكِنَةِ والمكانة.
وقوله تعالى: {يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ}: إذ كانَتْ خزاننها في كلِّ بلادِها بيدِه وتحتَ حكمِهِ بعد ما كان ضُيِّقَ عليه بالرِّقِّ والحبس.
وقوله تعالى: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ}: أي: بنعمتِنا كما أصبناها يوسف.
وقوله تعالى: {وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}: قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: يعني: الصَّابرين. قال وهبٌ: وذلك بصبره في البئر وفي السِّجن وفي الرِّقِّ وعمَّا دعته إليه زليخا (١)، فهذا في الدُّنيا.
* * *
(٥٧) - {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}: أي: الجنَّة وثوابها خيرٌ للَّذين آمنوا واتَّقوا معاصي اللَّه تعالى.
(١) ذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٣٣)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ١٥٩) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ووهب.