يسكنُ إليه ويأنسُ به؟ قالوا: قد فعل، قد احتبسَ منَّا ولدًا هو أصغرُ ولدِه، وأحبُّهم إليه بعد الأوَّل.
قال يوسفُ: لولا مخافةُ أن تكونوا صادقين لحبستكم حبسًا أطول مِن هذا، ولعذَّبتكم عذابًا شديدًا، فإنْ كنتم صادقين فارجعوا إلى أبيكم، فبلِّغوه منِّي السَّلام، وقولوا له: فلْيخبرني ما الَّذي أحزنَه وأبكاه وأوهنَ عظمَه؟ وما الَّذي شيَّبَه قبلَ أوانِ شَيبِه؟ وليبعَثْ إليَّ بجواب هذه الرِّسالة مع ابنه الأصغر الَّذي احتبسَه.
* * *
(٥٩) - {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}.
وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ}: أي: هيّأ أسبابَهم فأعطى كلَّ واحدٍ وِقْرَ بعيرٍ، وكذلكَ يبيعُ ولا يزيدُ لكلِّ قادمٍ على وِقْرٍ؛ لئلَّا يضرَّ بالآخرين.
وقوله تعالى: {قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ}: عنى: بنيامين الَّذي ذكروه له.
وقوله تعالى: {أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ}: أتمُّه، ولا أنقصُ منه شيئًا {وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}؛ أي: المضيفين.
* * *
(٦٠) - {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ}.
وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ}: أي: بالأخ الَّذي قْلُتم (١) {فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي}؛ أي: فلا طعامَ لكم عندي يُكال {وَلَا تَقْرَبُونِ}؛ أي: لا تقربوا بلادي.
(١) "الذي قلتم" من (ف).