تلطَّفَ يوسفُ عليه السلام في استحضار بنيامين بالتَّرهيب والتَّرغيب، أمَّا التَّرغيب ففي الَّذي فصَّلَ (١) لهم قال: {أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ}، وفي إنزالهم بحسن الضِّيافة، قال: {وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}، وأمَّا التَّرهيب؛ فقوله: {فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ}.
* * *
(٦١) - {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ}.
وقوله تعالى: {سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ}: أي: سنتلطَّفُ لأبيه في طلبِه منه وإخراجِه معنا كما أمرْتَ {وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ} بما أَمرْتَ به غيرُ مخالفين لك، ولم يريدوا أنَّهم يفعلون ذلك بغيرِ إذنِ أبيهم، ولكنْ أرادوا ما قلْنَا.
* * *
(٦٢) - {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
وقوله تعالى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا}: قرأ حمزة والكسائيُّ وعاصم في رواية حفص: {لِفِتْيَانِهِ}، والباقون: {لِفِتْيَتِهِ} (٢)، وهما لغتان في جمع الفتى؛ كالغِلْمَانِ والغِلْمَةِ.
والفتى: اسمٌ للملوك شابًّا كان أو شيخًا.
وقوله تعالى: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ}: وهي دراهمُهم الَّتي هي أثمان ما امتاروه مِن عندِه {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ}: وأدخلَ كلمةَ (لعلَّ) في
(١) في (ف): "فضل"، وفي (أ): "أفصل".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٤٩)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٩).