(٦٧) - {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}: وكان بمصر أربعة أبوابٍ.
قال ابن عبَّاسٍ والضَّحَّاك والسُّدِّيُّ وقتادةُ: خافَ عليهم لِمَا كان لهم مِن حُسْنِ الصُّورة وجمال الهيئة وتمام القوَّة (١).
وقيل: كان عامَ الجدب، فلو دخلوا من بابٍ واحدٍ مع الرَّواحل ممتارين شقَّ على أهل البلد إذا رأوهم مجتمعين، فأمرَهم بذلك شفقةً عليهم لئلَّا تدخل وحشةٌ في قلوب النَّاس بسببِهم.
وقيل: أحبَّ ألَّا يَفطنَ بهم أعداؤهم، فلا يحتالون لإهلاكهم.
وهو دليلُ عطفِه على كلِّ أولادِه، وأنَّه لم يكن له حقدٌ عليهم بما سبقَ منهم في حقِّه.
وهو مع هذا كلِّه كان ناظرًا إلى حُكم اللَّه تعالى فيه، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}: أي: لا أمنع ولا أدفع إنْ كان اللَّهُ أرادَ بكم شيئًا من ذلك.
وقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}؛ أي: ما الحكم إلَّا له {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
ومن الجائز أن يكونَ أمرَ بذلك لئلَّا تظهرَ حاجتُهم في أهل تلك البلدة، وتنتشرَ حالةُ اضطرارهم، وهو أمرٌ بالصيانة وكتمان الفاقة.
(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٣٧ - ٢٣٨).