(٧١) - {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ}.
وقوله تعالى: {قَالُوا}: أي: إخوة يوسف {وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ}؛ أي: توجَّهوا إلى مَن أرسلَهم يوسف: {مَاذَا تَفْقِدُونَ}؛ أي: أيَّ شيءٍ فقدْتُم فجئْتُم تطلبونَهُ؟
* * *
(٧٢) - {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}.
وقوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}: هو اسمُ تلك السِّقاية، وكان صاعًا يُكالُ به الطَّعام {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ}؛ أي: ولمَن ردَّه علينا حِمْلُ بعيرٍ طعامًا {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}؛ أي: كفيل بتسليمِه إليه، والزَّعامةُ: الكفالةُ، مِن حدِّ دخل.
وقال في "كتاب عصمة الأنبياء" في قوله: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}: فإنْ قالوا: لِمَ استجازَ يوسفُ هذا، وهذا يُعَدُّ فيما بينَ النَّاس مِن أسبابِ الخيانة والخديعة؟
قلنا: إنَّه فعل ذلك بالوحي؛ قال تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} واللَّه تعالى أجرى في أحوال يوسف وإخوته وأبيه من الأعجوبات ما تنقطعُ عنه علومُ العباد، ولا تقفُ على كُنْهِ معانيه، حتَّى يرجعوا إلى تسليم القدرة.
وكان قصدُه بوضعِه ذلك في رحلِ أخيه (١) ابتداءً إمساكُه، وله ذلك لأنَّه أخوه، ولو حبسَه مِن غير علَّةٍ ربَّما كانت تقع المماكسة (٢) بين الإخوة، ولم يكنْ وقتَ إظهار حقيقة الحال، ففعل ما لا يجدون السَّبيل إلى منعِه إلى أن ينقضيَ الأمرُ في حكم اللَّه تعالى.
(١) في (ف) و (أ): "رحله".
(٢) في (ف): "المماسكة".