و {خَلَصُوا نَجِيًّا} مِن فصيحات القرآن، {خَلَصُوا} انفردوا، وأصله: الصَّفاء عن الشَّوب؛ أي: لم يبقَ معهم غيرهم.
والنَّجيُّ يجمع على الأنجية، قال الشاعر:
إنِّي إذا ما القومُ كانوا أنْجِيَةْ... واختلفَ القومُ اختلافَ الأرْشِيَةْ
هناك أوصِيني ولا تُوصِي بِيَهْ (١)
يقول: لمَّا قنطوا من ردِّه إليهم انفردوا خالصين لا يختلط غيرهم بهم يتناجَون؛ أي: يتسارُّون (٢) في الأمر الَّذي عرض لهم ماذا يصنعون؛ أيرجعون إلى أبيهم، أم يقيمون بمصر إلى أن يُعلموه خبرَ أخيهم، أو يقاتلوا يوسفَ في استنقاذ أخيهم؟
وقوله تعالى: {قَالَ كَبِيرُهُمْ}: قيل: أكبرهم سنًّا، وهو روبيل.
وقال مجاهد: هو شمعون، ولم يكن أكبرهم في السنِّ، بل كان أكبرهم في العقل (٣).
وقال الكلبيُّ ووهبٌ: هو يهوذا (٤).
وقال محمَّد بن إسحاق: هو لاوي (٥).
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ}. هو قوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}.
(١) الرجز لسحيم بن وثيل اليربوعي كما في "لسان العرب" لابن منظور (مادة: نجا)، ودون نسبة في "العين" (٦/ ٢٨١)، و"غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٢٢٠)، و"جمهرة اللغة" (١/ ٢٣٥)، وغيرها.
(٢) في (ف): "يتشاورون".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٨٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٨١).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٤٥)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ٢٠٣).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٤٥).