وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}: قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: همِّي (١). وهو الَّذي يُبَثُّ وإنْ كُتِمَ؛ أي: ينتشرُ بإثارة.
والحزنُ: ما يغلظُ على النَّفس احتمالُه.
وقيل: البثُّ: الهمُّ الَّذي يظهرُه صاحبُه، والحزنُ: الَّذي يضمرُه.
وقيل: البثُّ ابتداؤه، والحزن انتهاؤه.
يقول: أشكو ذلك كلَّه إلى اللَّهِ، لا إلى خلقِه.
وقوله تعالى: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ}: أي: مِن سَعةِ رحمتِه ولطفِ تدبيره بعباده {مَا لَا تَعْلَمُونَ} أنتم، يشيرُ إلى حسنِ ظنِّه وقوَّةِ رجائه بربِّه جلَّ جلاله أنْ يُعيدَ إليه يوسفَ عليه السلام.
قيل: إنَّما رجا ذلك لِمَا قصَّ عليه يوسف مِن رؤياه وعلم تأويلَه.
وقيل: أخبرَه بذلك ملكُ الموتِ عليه السلام.
وقيل: أخبرَه جبريلُ صلوات اللَّه عليه.
وقيل: رآه في المنام.
قال وهبٌ: ولَمَّا أرادَ اللَّهُ تعالى أنْ يُرَفِّه (٢) عنه ويرحمَه ويبلِّغَه إلى بنيْهِ أرسلَ إليه ملكَ الموتِ قال: إنِّي كنْتُ أتمنى أنْ ألقاكَ منذُ حينٍ، قال له: لِمَ ذلك؟ قال: لأسألَكَ عن شأنِ يوسف، قال: وعن أيِّ شأنِه تسألني؟
قال: أنشدُكَ وأسألُكَ بالَّذي ملَّكَكَ الأنفسَ، وسلَّطَكَ على الأرواح، وأعطاكَ القوَّة في الأجساد، هل قبضْتَ روحَ يوسف؟
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٠٦).
(٢) في (ف): "يخفف".