وقوله تعالى: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا}: قال ابن عبَّاس ومجاهد: أي: باليًا من المرض {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}: أي: الميِّتين (١).
وقال الحسنُ وقتادةُ: حتى تكون هرمًا (٢).
وأصلُ الحَرَضِ: فسادُ العقل والجسم مِن الحزن والحبِّ، وقال العَرْجيُّ:
إنِّي امرؤٌ لجَّ بي حبٌّ فأَحْرَضَنِي... حتَّى بَلِيْتُ وحتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ (٣)
{حَرَضًا}: مصدرٌ أريد به النَّعت، ولا يثنَّى ولا يجمع.
وقال الرَّبيع بن أنس: {حَرَضًا} يابسَ الجلد على العظم.
وقال الكسائيُّ: فاسدًا لا خير فيه.
وقال الحسنُ: أي: كالشَّيءِ المدقوق المكسور (٤).
وقال الإمام القشيريُّ رحمَه اللَّه. هدَّدوه بأن يصيرَ حرضًا، وقد كان حرضًا، وخوَّفوه بما كان لا يبالي أن يصيبَه في حكم الهوى، حيث قالوا: {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}، وقيل: ألذُّ الأشياء في حكم الهوى التَّهالكُ في حبِّ مَن تهوَى (٥).
* * *
(٨٦) - {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٠١ و ٣٠٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٨٧ و ٢١٨٨).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٠٣).
(٣) انظر: "ديوان العرجي" (ص: ٥).
(٤) ذكر الأقوال الثلاثة السابقة الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٤٨).
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٠٠).