إلى إبراهيم يومَ أُلقي في نار نمرود وألبسَه، ثمَّ كان بعدَه لإسحاق، ثم كساه إسحاقُ يعقوبَ في قصبةٍ فعلَّقها في عُنُقِ يوسف، فلمَّا أُلقي في الجبِّ جاءَ جبريلُ عليه السلام وأخرجَه منها فألبسه، فكان معه إلى أن قال: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا}.
{فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي}: وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: قيل: عَلِمَ يوسفُ أنَّ يعقوبَ لِمَا يلحقُه مِن فرط السُّرور لا تطاوعُه يدُهُ في أخذ القميص، فقال: ألقوه على وجه أبي (١).
{يَأْتِ بَصِيرًا}: قيل: يَعُدْ بصيرًا، وقيل: يأتني بصيرًا.
وقوله تعالى: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}: مِن النِّساء والأولاد.
وإنَّما دعا يعقوبَ وإخوتَه وأهاليهم إلى نفسِه، ولم يأتِ أباه، لا إخلالًا بإجلاله، بل إبقاءً على حالِه؛ لأنَّه علمَ أنَّ يعقوبَ لا يقومُ بكفاية أمر يوسف، وتقصرُ ذاتُ يده عنه، فحملهم تخفيفًا عليهم وإحسانًا إليهم.
وإنَّما قال: {يَأْتِ بَصِيرًا} بالوحي، وكان كذلك، وكان معجزةً له.
وقال وهبٌ: ثمَّ كسا يوسفُ إخوتَه وأجازهم وحملهم، وبعثَ إلى أبيه بجائزةٍ وكسوةٍ، ومئتي راحلة وجهازها، وجهاز أهليهم، لنقلهم إليه، وقال لإخوته: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}، وكانوا سبعين إنسانًا، وعجَّلَ سراحَهم وحملَهم.
وخرج يهوذا مبشِّرًا مسرِعًا بالقميص حافيًا راجلًا شاكرًا للَّه تعالى بالمشي والحفي، والرِّحلة ما بين مصر والشَّام وبينهما مسيرةُ ثمانية أيام، ومع يهوذا القميصُ
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٠٥).