وقوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}: أي: قالَ مَن حضرَه: {إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}؛ أي: في خطئِكَ القديم، قاله ابن عبَّاس (١) رضي اللَّه عنهما، وهو يرجعُ إلى قولِ بنيه في الابتداء: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} يوسف: ٨.
وقال مجاهدٌ: {إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}؛ أي: حبِّكَ القديم (٢). وكذلك الأوَّل، وعلى هذا قولُ اللَّه تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} الضحى: ٧؛ أي: محبًّا فهداك إلى شرائطه وطرائقه.
وقال الحسنُ: إنك لذاهب عن الصَّواب في أمرِه، ترجو لقاءَه وقد مات من زمن طويل (٣)!
وفي "كتاب عصمة الأنبياء": ليس هذا من حفَدتِه قصدَ إيذائه، وإنَّما هو التَّسليةُ لهمِّه، لم يُحسنوا نظمَ الكلامِ على ما كان يجبُ مقابلتُه به.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: إنَّ البلاء إذا هجمَ هجمَ بمَرَّة، وإذا زالَ زالَ بتدريجٍ، حلَّ البلاءُ بيعقوبَ بمرَّة حيثُ قالوا: أكلَه الذِّئب، ولَمَّا زالَ البلاءُ وجدَ ريحَ يوسف أوَّلًا، ثمَّ قميصَ يوسف، ثمَّ يومَ الوصول رأى سبعين حاجبًا بينَ يدَي يوسف قبلَ أن رأى يوسف.
ولَمَّا كان سببُ حزنِ يعقوبَ قميصَه كان فرحُه أيضًا بقميصِه.
(١) في جميع النسخ: قال ابن عباس، والصواب المثبت، فقد روى الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٤٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٩٨) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: قوله: {إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} يقول: "خطئك القديم". وكذا ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٧٨).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٤٣) عن ابن جريج. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٥٨٣) إلى الطبري عن مجاهد.
(٣) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٢٤٥).