(١٠٣) - {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}.
وهو قولُه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}: أي: لا يؤمنون وإن اشتدَّ حرصُكَ على إيمانهم؛ لأنَّ هذا مِن أفعالي لا يقدر عليه آخرُ غيري (١)، نظيرُه قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} آل عمران: ١٢٨.
والحرصُ: طلبُ أمرٍ باجتهادٍ في إصابَتِهِ.
وقيل: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ} مِن أهل مكَّةَ.
وقال الإمام أبو منصور: هي فيهم وفي غيرهم أيضًا (٢).
* * *
(١٠٤) - {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}: يقولُ: لسْتَ تطمعُ في أموالهم، ولا {تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ}؛ أي: على تبليغ القرآن -فقد سبق (٣) ذكرُه في قوله: {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} - شيئًا فينسبونَك إلى الاستيكالِ فعلَ الطَّالِبين العلوَّ في الأرض والمالَ، ولا أنت أيضًا رسولٌ بهذا القرآن إليهم وحدَهم، بل القرآنُ {ذِكْرٌ}؛ أي: القرآنُ تذكيرٌ (٤) وموعظةٌ لجميع العالمين إلى قيام السَّاعة، ويتضمَّنُ ما بهم الحاجةُ إلى معرفتِه مِن أمرِ دينِهم يتذكَّرون به ما ينسَونه.
وقيل: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}؛ أي: شرفٌ لِمَنِ اتَّبعه مِن العالمين.
(١) في (ر) و (ف): "لأن هذا من اللَّه فلا يقدر عليه أحد غيره".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٩٤).
(٣) في (ر) و (ف): "تبين".
(٤) في (أ) و (ف): "تذكر".