(٢) - {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}.
وقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ}: أي: خلقَها مرفوعةً، لا أنْ تكونَ موضوعةً فرفعَها، وقد مرَّتْ نظائرُه: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} البقرة: ٢٥٧، {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} يوسف: ٣٧ {مِنَ الْمُوقِنِينَ} (١) الأنعام: ٧٥.
وقوله تعالى: {بِغَيْرِ عَمَدٍ}: وهي جمع عِمادٍ، ونظيرُه: الإهابُ والأَهَبُ.
وقوله تعالى: {تَرَوْنَهَا}: أي: تروْنَ السَّماءَ لا عَمَدَ لها، فهو أمرٌ مُعايَنٌ مُشاهَدٌ. وهو طريق الكلبيِّ ومجاهد (٢).
وقيل: {تَرَوْنَهَا} صفةُ العَمَد؛ أي: بغير عَمَدٍ مرئيَّة، ولها عِمادٌ غيرُ مرئيٍّ (٣)، وهو القدرة، واللَّه تعالى يمسكُها كذلك بقدرتِه، وكأنَّها عماد لها.
وظاهرُ الآيةِ: بغير عَمَدٍ مرئيَّةٍ، وتحقيقُه: بعَمَدٍ غيرِ مرئيَّةٍ (٤)، فكلمةُ النَّفي مُقدَّمَةٌ في الذِّكْرِ، مُؤخَّرةٌ في المعنى، قال الشَّاعر:
(١) في (أ): "المؤمنين".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤١١) عن إياس بن معاوية وقتادة، أما مجاهد فالمروي عنه القول الآتي.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٠٩ - ٤١٠) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ومجاهد، ورواه عن مجاهد أيضًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٢١٦)، وهو في "تفسير مجاهد" (ص: ٤٠٣)، ولفظه عندهم: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}: بعمد لا ترونها.
(٤) في النسخ: "بغير عمد مرئية"، وهو خطأ ظاهر وتكرار لا معنى له، والصواب المثبت، انظر قول مجاهد السابق والبيت الشاهد الآتي.