متعارفًا في الدُّنيا، ويدل عليه قوله تعالى خبرًا: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} غافر: ٤٧ (١).
وقوله تعالى: {قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ}: قال الإمامُ أبو منصورٍ رحمة اللَّه عليه: قال بعضُ أهلِ العلم: إنَّ الأتباع والمتبوعين مِن الكفَّار أعلمُ باللَّهِ مِنَ المعتزلة، يقولون: لو هدانا اللَّه لهديناكم، والمعتزلةُ يقولون: هداهم اللَّه جميعًا فلم يهتدوا، ولو أرادَ أنْ يهديَ واحدًا لم يملِكْ، وكذا إبليسُ أعلم باللَّهِ منهم يقول: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} الحجر: ٣٩، وهم يقولون: لا يغوي اللَّهُ أحدًا (٢).
ومعنى هذه الآية: لو وفَّقَنا اللَّهُ للإيمانِ واهتدينا في دارِ الدُّنيا لهديناكم؛ أي: بيَّنَّا لكم طريقَ الهُدى.
وقيل: أي: لو هدانا اللَّه إلى طريقِ التَّخليص مِن العذاب (٣) لهديناكم إليه.
وقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}: الجَزَعُ: انزعاجُ النَّفسِ لورودِ ما يغمُّ، وهو نقيضُ الصَّبر، وقال الشَّاعر:
فإنْ تَصْبِرا فالصَّبْرُ خَيْرُ مَغَبَّةٍ (٤) ... وإنْ تَجْزَعا فالأمرُ ما ترَيانِ (٥)
أي: يقولون: لا حيلةَ لنا فيما قد وقعْنا فيه، وسواءٌ علينا أجزِعْنا أم صَبَرْنا لا يخفُّ عنَّا العذابُ بالصَّبر ولا يرقُّ لنا بالجَزَع.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٨٣).
(٢) المرجع السابق الموضع نفسه.
(٣) في (أ): "العقاب".
(٤) في (ف): "مطية".
(٥) البيت بلا نسبة في "المقابسات" لأبي حيان التوحيدي (ص: ٢٤٢)، و"محاضرات الأدباء" للأصفهاني (٢/ ٥٢٥)، و"الدر الفريد" للمستعصمي (٧/ ٣٧٧).