ثمَّ قيل: هذا كان بعدَ بنائِهِ البيت.
وقيل: كان قبلَ بنائِه، لكنْ كانَ اللَّهُ أبانَ له موضعَ البيتِ، فصحَّتْ إشارتُه إليه.
وقوله تعالى: {رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ}: أي: أسكنْتُهم به ليعبُدُوكَ به، ويقيموا الصَّلاةَ لكَ، مخلصِيْن غيرَ مشركِيْن.
{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}: قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: تَنْزِعُ إليهم (١).
وقال الضَّحَّاكُ: تشتاقُ إليهم (٢).
والهوى لغةً: هو الانحطاطُ بسرعةٍ.
يقول: حَبِّبْ هذا البيتَ إلى عبادِكَ ليأتوه فيحجُّوه.
وقال مجاهدٌ: قال: {أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ}، ولو قال: (أفئدة النَّاس) لازدحمَتْ عليه الرُّوم والتُّرك والهند (٣).
وقوله تعالى: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ}: أي: التي تكون في بلاد النَّاس، فتُجنَى إليه الثَّمرات مِن النَّواحي، فيُوجَد به ما يوجَدُ بها.
{لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}: أي: ليشكروا لك.
وقيل: (لعلَّ) ها هنا للتَّرجِّي؛ أي: أرجو أنَّهم إذا استغنَوا بهذه النِّعم فيه سكنوه
(١) انظر: "تنوير المقباس" للفيروزآبادي (١/ ٢١٤).
ورواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٤١٦)، والطبري في "تفسيره" (١٣/ ٧٠٠) عن قتادة.
(٢) في (ر) و (ف): "تساق". والمثبت من المصادر. انظر: "تفسير أبي الليث السمرقندي" (٢/ ٢٤٦)، و"تفسير الثعلبي" (٥/ ٣٢٣)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٣٥٧).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٦٩٨).