الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} الرعد: ٦، فالمغفرةُ في هذه الآيةِ على ستر ذنوبِهم وإمهالِهم.
وقال: {وَمَنْ عَصَانِي} ولم يقل: (عصاكَ)، وإنْ كانَ مَن عصاهُ فقد عصى اللَّه؛ مراعاةً للأدبِ في الخِطابِ.
* * *
(٣٧) - {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
وقوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي}: أي: بعضَ أولادي، وهو إسماعيلُ مع أمِّه هاجر، وأسكنتُه؛ أي: جعلتُه ساكنًا.
{بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}: هو وادي مكَّةَ، وهو الأبطحُ، والوادي: سفحُ الجبلِ.
و {غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}؛ أي: لا ماءَ فيه فنزرعَ الأرضَ عليه.
{عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}: وهو الكعبة، والإضافةُ إلى اللَّهِ تعالى للتَّشريف.
والتَّحريمُ: إثباتُ حرمتِه وحرمةِ ما يَحلُّ مِن غيرِه فيه.
وقال القشيريُّ رحمَه اللَّهُ في (١) قولِه تعالى: {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}: هو إخبارٌ عن صدقِ توكُّلِهِ وصِدْقِ تفويضِهِ.
وقوله تعالى: {عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} هو بيانُ أنَّه رأى الرِّفق لهم في الجوار، لا في المَبارّ (٢).
(١) "في" ليس في (أ).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧).