وإعذابُ النفس عن كذا: هو مَنْعُها عنه، وسمي العذاب عذابًا لأنه يَمنع من (١) الجناية إذا تأمَّلَ فيها العاقل.
وقيل: إنما سمي به لأنه جزاء ما استعذَبه المرء بطبعه؛ أي: استطابهُ، ولذلك قال: {فَذُوقُوا عَذَابِي} (٢) القمر: ٣٩ وإنما يُذاق الطيِّب، على معنى: أنه جزاءُ ما استطابه واستحلاه بهواه في دنياه.
وقوله تعالى: {عَظِيمٌ}: أي: كبيرٌ، وقيل: أي: كثيرٌ، وقيل: أي: دائم، وهو التعذيب بالنار أبدًا.
ثم عِظَمُه بأهوالِه، وشدَّةِ أحوالِه، وكثرةِ سلاسلهِ وأغلالِه.
وقيل: هو القتل والأسر في الدنيا، والتحريقُ بالنار في العُقبى.
ثم ذَكر بعد ذِكر المؤمنين ظاهرًا وباطنًا، والكافرين ظاهرًا وباطنًا، المنافقين الذين آمنوا ظاهرًا وكفروا باطنًا:
* * *
(٨) - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}.
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ}: أي: ومن جنسِ الإنس، والناس: جمع إنسانٍ على غير لفظه، فالإنسانُ فِعْلانٌ من أَنِسَ، ومأخذُه من آنسَ؛ أي: أَبصر، والجنُّ مَن اجْتَنَّ، أي: استَتَر، فالبشرُ يُرَون والجنُّ لا يُرَون.
وقيل: هو من الأُنْسِ الذي هو ضدُّ الوحشة، وسمِّي به لاستئناس روحه ببدنه، وبدنِه بروحه.
(١) في (أ): "عن".
(٢) في (أ): " {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} ".