وقوله تعالى: {فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ}: قيل: سقى وأسقى بمعنًى، وقيل: سقاه بمعنى: أشربَه، وأسقاه بمعنى: جعلَ له شربًا، فتفسيرهُ على هذا: فجعلْنَا لكم ذلكَ المطرَ سَقيًا لأراضِيْكُم ومواشِيْكُم.
وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}: أي: ليس في وُسْعِكم أنْ تَخْزُنُوا الماءَ (١) بقَدْرِ حاجتكم إليه.
وقال أبو بكر بن عيَّاش: لا تقطرُ قَطرةٌ مِنَ السَّحابِ إلَّا بعدَ أنْ تعملَ فيه هذه الرِّياحُ، فالصَّبا تَهيجُه، والدَّبور تُلقِحُه، والجَنوب تَدرُّه، والشَّمال تفرِّقُه (٢).
* * *
(٢٣) - {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي}: أي: نحيي النُّطفَ {وَنُمِيتُ}؛ أي: الأحياء عندَ انقطاعِ آجالِهم {وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ}؛ أي: الباقون بعدَ فناءِ الخَلْقِ، والمالكون ما في العالَم.
وكانَ للَّهِ تعالى كلُّ شيءٍ ولكنْ كانَ للخلْقِ تصرُّفٌ، فينقطع تصرُّفُهم بالموت ويخلُصُ للَّهِ كلُّ شيءٍ بلا وجودِ تصرُّفِ غيرِه، وهو كقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} غافر: ١٦.
* * *
(٢٤) - {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}: استقدمَ بمعنى:
(١) في (أ): "إلا".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٣٣٧)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٣٧٥).