الإنسِ (١) والجنِّ لإثباتِ آيةِ الوحدانيَّة، ومطالبةً بشكرِ النِّعمة، وتنبيهًا على أصلِ الخِلْقة.
وقال ابنُ عبَّاسٍ: سُمِّي إنسانًا لأنَّه عُهِدَ إليه فنَسِي (٢).
وقال القتبي: ذهبَ قومٌ إلى أن اشتقاقَه هذا، وإنسانٌ أصله: إِنْسِيان، ولذلك يقال في التَّصغير: أُنَيْسيان.
وقال البصريُّون: هو مِنْ قولهم: آنسَ؛ أي: أبصر، قال تعالى: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} القصص: ٢٩، سُمِّيَ به لظهورِه وإدراكِ البصر إيَّاه، وزِيْدَتِ الياءُ في تصغيرِه، كما زِيْدَتْ في تصغير رَجُلٍ، فقِيل (٣): رُوَيْجِل، وفي تصغير لَيْلَة: لُيَيْلَة (٤).
والصَّلْصالُ: الطِّين اليابس الَّذي يُصَلْصِلُ؛ أي: يُصَوِّتُ إذا نُقِرَ لشدَّة يُبْسِه، وهو كقولِه: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} الرحمن: ١٤، وهو الخزَفُ، شُبِّهَ به لِيُبْسِه وصوتِه عندَ نقرِه؛ أي: خلقْنا آدمَ مِن طينٍ يابسٍ.
قوله: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} الحمأ: الطِّينُ الأسودُ المتغيِّر، والمَسْنون: قيل: هو المصبوب، وهو إشارةٌ إلى رطوبتِه قبلَ أنْ يجفَّ فيصيرَ صلصالًا.
وقيل: معناه: إنَّه كان طينًا (٥) سيَّالًا، فصارَ حمأً متجاسدًا. وقد سَنَّ الماءَ على وجهِهِ؛ أي: صبَّهُ.
(١) في (ف): "الإنسان".
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٨٣٥)، والطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٧).
(٣) "فقيل" ليس في (أ).
(٤) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٢٢).
(٥) في (ر): "رطبًا".