وقال ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: نارٌ لا دخانَ لها، والصَّواعق تكون منها، وهي نارٌ بينَ السَّماءِ والحجابِ، فإذا أحدثَ اللَّهُ أمرًا خرقَتِ الحِجابَ فهوَتْ، فالهَدَّةُ الَّتي تسمعونَ خَرْقُ ذلك الحجابِ (١).
والسَّمومُ في أصل اللُّغة: الرِّيحُ الحارَّة؛ كالحَرُوْر، إلَّا أنَّ الحَرُوْر تكونُ باللَّيل والنَّهار جميعًا، والسَّموم لا تكون إلَّا بالنَّهار، فيحتمِلُ أنَّ نارَ السَّموم نارٌ تلتهبُ التهابَ السَّموم، ومنه قوله: {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} الطور: ٢٧؛ أي: عذاب اللَّهب.
* * *
(٢٨) - {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}: {بَشَرًا}؛ أي: حيوانًا ظاهرَ البَشَرة، لا شعرَ عليه، ولا وَبرَ، ولا صوف.
وقيل: أي: حيوانًا يباشر؛ أي: يلمس، فإنَّ الرُّوحاني لا يلمس (٢).
* * *
(٢٩) - {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ}: أي: صوَّرتُه بشرًا سويًّا {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}؛ أي: روحًا مِن الأرواح مفضَّلة على سائرها، وإضافته إلى نفسِه للتَّفضيل والتَّشريف.
والنَّفخُ: الإدخال.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٣٤٠)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٣٧٩) عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وهو خبر ساقط، فالكلبي متروك، وابو صالح لم يسمع من ابن عباس.
(٢) في (أ): "أي يمس فإن الروحاني لا يمس".