{فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}: أي: خِرُّوا له ساجدِيْن سُجودَ تحيَّةٍ. وهذا يدلُّ على أنَّه كانَ وضعَ الجبهة (١) على الأرض دونَ الانحناءِ وحدَه.
* * *
(٣٠ - ٣١) - {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}.
وقوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ}: أضمرَ هنا: فخلقْتُ آدمَ فسجد له الملائكة.
{كُلُّهُمْ} للاستيعاب، فدلَّ أنَّه كلُّ الملائكة، لا ملأٌ دونَ ملأٍ، و {أَجْمَعُونَ} ليس بتكرارٍ، بل يدلُّ على الاجتماعِ في السُّجود؛ أي: سجدوا في حالةٍ واحدةٍ مجتمعين، لا متعاقبين مترادفين. هذا قولُ المبرِّد.
وقال سيبويه: هو تأكيدٌ بعد تأكيدٍ (٢).
* * *
(٣٢ - ٣٥) - {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٣٣) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}.
وقوله تعالى: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ}: أي: أيُّ سببٍ لكَ في هذا؟ وهذا استفهامٌ بمعنى الإنكار.
(١) في (ر) و (ف): "الوجه".
(٢) انظر: "الكتاب" لسيبويه (٢/ ٣٧٩) و (٢/ ٣٨٧)، و"الانتصار لسيبويه على المبرد" لابن ولَّاد (ص: ١٠٧ - ١٠٨)، و"معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٧٩).